طرابلس تقف على أبواب أزمة مياه حقيقية
قبل أيّام، أعلن الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير أنّه اصدر قراراً تم بموجبه “تأمين 21 ألف ليتر من مادة المازوت لمصلحة الخزّانات التابعة لمولّدات مصلحة مياه لبنان الشّمالي، بهدف العمل سريعاً على إعادة تزويد مناطق طرابلس والجوار بمياه الشفة، بناءً على توجيهات رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس المُكلّف نجيب ميقاتي”، وفق ما جاء في نص البيان الذي جرى توزيعه.
وأضاف البيان أنّ “هذه الخطوة جاءت بعد نفاد مادة المازوت من مركز المصلحة وبدء المضخّات بالتوقف عن العمل، وكادت المناطق الشعبية أن تُحرم المياه مع توقف وزارة الطاقة والمياه عن تأمين المازوت لصالح المصلحة، أو حتى تزويدها الطاقة الكهربائية اللازمة من أجل تشغيل معاملها”.
للوهلة الأولى ظنّ الطرابلسيون، بعدما قرأوا البيان الذي جرى توزيعه على مختلف وسائل الأعلام، ونُشر على نطاق واسع على منصّات وسائل التواصل الإجتماعي المتنوّعة، بأنّهم قد تجاوزوا أزمة مياه كانت على وشك أن تصيبهم، وأنّ هذه الأزمة قد ابتعدت عنهم بعد تقديم هيئة الإغاثة كمية المازوت لمصلحة المياه في مدينتهم.
غير أنّ هذه الآمال سرعان ما تبخّرت بعدما تبيّن أنّ كمية المازوت المذكورة “بالكاد تكفي تشغيل مضخّات المياه في طرابلس 40 ساعة”، وفق ما ذكر رئيس قسم إنتاج مياه طرابلس في مؤسسة مياه لبنان الشمالي كمال مولود.
وأوضح مولود لـ”أحوال” أنّ “كلّ ساعة قطع للتيّار الكهربائي عن مضخّات مؤسّسة مياه لبنان الشّمالي تكلفنا 500 ليتر من المازوت لتشغيلها، ما يعني أنّ انقطاع الكهرباء عن طرابلس 24 ساعة يُكلّفنا في مؤسّسة المياه 350 مليون ليرة لبنانية، أيّ ما يعادل 12 ألف دولار أميركي، وهي كلفة باهظة جدّاً، وتشكّل ضغطاً مالياً كبيراً علينا”.
ويكشف مولود أنّه “إذا أردنا أن نعمل بشكل طبيعي وبدون خطر من احتمال توقفنا عن العمل مستقبلاً، فإننا نحتاج إلى 10 آلاف ليتر كلّ يوم، سواء شراء أو مساعدة، وهذا غير متوافر في الوقت الحالي إلا بصعوبة بالغة”، متوقّفاً عند أمر بالغ الخطورة ويهدّد قدرة مؤسّسة مياه لبنان الشّمالي جدّيّاً على الإستمرار في عملها، هو أنّ المؤسسة “تصرف حالياً بهدف شراء المازوت أموالاً من خزينتها الخاصة، وأنّه حتى الآن صرفنا نحو 75 في المئة من موازنة عام 2022 لشراء مادة المازوت فقط، فضلاً عن المساعدات التي تاتينا التي ذهب أغلبها في هذا الإتجاه، ما يعني أنّنا ذاهبون إلى مرحلة صعوبات حقيقية، وأنّ وضعاً كارثياً ينتظرنا في طرابلس على صعيد تأمين مياه الشّرب للمواطنين، سواء على صعيد التقنين القاسي أو القطع النّهائي”.
وبعدما كانت مؤسّسة لبنان الشمالي، كما غيرها من باقي مؤسّسات المياه في لبنان تبرّر أزمة المياه في مناطقها بنقص كميات المياه بسبب تراجع منسوب الأمطار وكميات الثلوج، فإنّ أزمة المياه المقبلة مختلفة كليّاً، إذ يلفت مولود إلى أنّه “يوجد كميات مياه وفيرة في الينابيع والأنهر وآبار المياه الجوفية، لكنّ المشكلة اليوم تتلخّص في صعوبة تأمين المازوت لتشغيل مضخّات مؤسّسة المياه، وهنا يكمن الخطر الحقيقي الذي دفع مؤسّسات مياه أخرى، مثل مؤسّسة مياه بيروت وجبل لبنان، إلى رفع يديها والتسليم بأنّ الأزمة أكبر وأقوى من قدرتها على التحمّل”.
وبما يتعلق بموضوع الجباية وإذا كانت الأموال التي تجبى من المواطنين كافية لسدّ العجز واستمرار المؤسّسة في العمل، أوضح مولود أنّ “الإشتراك السنوي لكل مواطن عن كلّ متر مياه يبلغ 950 ألف ليرة، وبعد اقتطاع الرسوم منه يبقى منه قرابة 750 ألف ليرة، أيّ ثمن صفيحة مازوت فقط، ويمكن على هذا المنوال تصوّر حجم الأزمة التي نعاني منها”.
عبد الكافي الصمد